"على كل فرد وهيئة في المجتمع... أن يسعى إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية".
                                                          الإعلان العالمي لحقوق الإنسان - الديباجة، 1948

إن "توطيد احترام هذه الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية" هو أساس التربية على حقوق الإنسان. إلا أنه من الضروري توضيح ما هي هذه "الحقوق والحريات" المتعلقة بالتربية على حقوق الإنسان قبل معرفة ماذا تعني التربية على حقوق الإنسان وكيفية ممارستها. لذا سنبدأ بمقدمة قصيرة عن حقوق الإنسان.

ما هي حقوق الإنسان؟

How can people use and defend human rights if they have never learned about them?

على مر التاريخ، طورت كل المجتمعات أنظمة لضمان التكامل الاجتماعي عن طريق تقنين حقوق وواجبات مواطنيها. استمر الحال كذلك حتى عام 1948 عندما اجتمع المجتمع الدولي لوضع صيغة حقوق من شأنها أن تكون مشتركة وملزمة لجميع الدول، وسمي بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ومنذ عام 1948تم الاتفاق على وثائق أخرى لحقوق الإنسان منها على سبيل المثال: الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان عام 1950 والمعاهدة الدولية لحقوق الطفل عام 1990.

تعكس حقوق الإنسان الاحتياجات الأساسية للإنسان، فهي تحدد المعايير الأساسية التي لا يمكن من دونها للناس العيش بكرامة، حقوق الإنسان تشمل المساواة والكرامة والاحترام والحرية والعدالة، من الأمثلة على حقوق الإنسان: الحماية من التمييز والحق في الحياة وحرية التعبير والحق في الزواج والعائلة والحق في التعلّم. (تجد ملخص ونص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الملاحق).

حقوق الإنسان هي لجميع الأشخاص على قدم المساواة عالمياً وللأبد. فحقوق الإنسان عالمية، وهذا يعني أن هذه الحقوق هي نفسها لكل البشر في كل بلد، حقوق الإنسان هذه غير قابلة للتصرف وغير قابلة للتجزئة ومترابطة؛ أي أنه لا يمكن سلبها على الاطلاق، فجميع الحقوق مهمة على حد سواء ومكملة لبعضها، فعلى سبيل المثال: يعتمد حق المشاركة في الحكومة وفي الانتخابات الحرة على حرية التعبير.

كيف يمكن للناس التمتع بحقوق الإنسان والدفاع عنها إذا لم يسبق لهم تعلمها؟ يقر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هذا في ديباجته، ويعطي كل شخص الحق في التعلّم كما هو منصوص عليه في المادة 26: "تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية". إن هدف التربية على حقوق الإنسان هو إيجاد عالم تسوده ثقافة حقوق الإنسان؛ ثقافة تُحترم وتصان فيها حقوق كل فرد ويفهم فيها الناس حقوقهم ومسؤولياتهم ويميزوا انتهاكات حقوق الإنسان ويتخذوا إجراءات لحماية حقوق الآخرين، ثقافة حيث حقوق الإنسان جزء لا يتجزأ من حياة الأفراد كما اللغة والعادات والفنون والارتباط بالمكان.

تعريف التربية على حقوق الإنسان

تم إنجاز الكثير في مجال التربية على حقوق الإنسان منذ عام 1948 ولا يزال العمل مستمراً. إنه لمن الضروري وجود العديد من وسائل التربية على حقوق الإنسان، ويعود هذا إلى نظرة الأفراد المختلفة للعالم وإلى تنوع المنظمات والظروف التي يعمل المربون فيها وإلى المخاوف المتعددة للهيئات العامة، بالتالي في حين أن المبادئ هي نفسها، قد تختلف الممارسة. ومن أجل الحصول على تصور حول تنوع التدريس والأنشطة التي يتم تقديمها من المفيد أن يتم النظر في الاهتمامات المختلفة "للأفراد وهيئات المجتمع" كي تساعدنا في رؤية نطاق ومحاور اهتمامهم بالتربية على حقوق الإنسان.

في عام 1993 أعلن المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان التربية على حقوق الإنسان "كضرورة لتعزيز وتحقيق علاقات مستقرة ومنسجمة بين المجتمعات المحلية ولترسيخ التفاهم المتبادل والتسامح والسلام". وفي عام 1994 أطلقت الجمعية العمومية للأمم المتحدة "عشرية الأمم المتحدة للتربية على حقوق الإنسان (1995-2004)" وحثّت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على تعزيز "تعميم التدريب والمعلومات التي تهدف إلى بناء ثقافة عالمية لحقوق الإنسان". نتيجة لذلك تبذل الحكومات المزيد من الجهود لتعزيز التربية على حقوق الإنسان، وبشكل أساسي عن طريق البرامج التربوية الحكومية. وبما أن الحكومات تضع اعتبارا للعلاقات الدولية وللحفاظ على القانون والنظام وللوظيفة العامة للمجتمع فهي ترى التربية على حقوق الإنسان كوسيلة لتعزيز السلام والديمقراطية والنظام الاجتماعي.

Educational programmes and activities that focus on promoting equality in human dignity

هدف مجلس أوروبا هو خلق مساحة ديمقراطية وقانونية مشتركة في جميع أنحاء القارة الأوروبية وضمان احترام قيمها الأساسية: حقوق الإنسان والديمقراطية ودور القانون. إن هذا التركيز على القيم ينعكس في جميع تعريفات المجلس للتربية على حقوق الإنسان. فعلى سبيل المثال: فيما يتعلق بالتزامه بتأمين المشاركة الفعالة للشباب في اتخاذ القرار ودورهم على المستويين المحلي والاقليمي يعرّف برنامج الشباب للتربية على حقوق الإنسان في مجلس أوروبا التربية على حقوق الإنسان أنها:
"... البرامج والأنشطة التربوية التي تركز على تعزيز المساواة في الكرامة الإنسانية1، بالتزامن مع برامج أخرى كتلك التي تعزز التعلّم عابر الثقافات ومشاركة وتمكين الأقليات".

كما ويعرّف ميثاق مجلس أوروبا للتربية على المواطنة الديمقراطية والتربية على حقوق الإنسان (2010)2 التربية على حقوق الإنسان على أنها:
التربية والتدريب ونشر الوعي والمعلومات والممارسات والأنشطة التي تهدف إلى تمكين المتعلمين للمساهمة في بناء ثقافة عالمية لحقوق الإنسان في المجتمع والدفاع عنها وتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، عن طريق تدعيم المتعلمين بالمعرفة والمهارات وفهم وتطوير وجهات نظرهم وسلوكهم.

هناك تعريفات أخرى للتربية على حقوق الإنسان، كتعريف منظمة العفو الدولية:
التربية على حقوق الإنسان عملية يتعرف بواسطتها الناس على حقوقهم وحقوق الآخرين ضمن إطار تعلم تشاركي وتفاعلي.

مركز آسيا والمحيط الهادي الإقليمي للتربية على حقوق الإنسان يشير بشكل خاص إلى العلاقة بين حقوق الإنسان وحياة الناس العاملين في التربية على حقوق الإنسان:
التربية على حقوق الإنسان عملية تشاركية تحتوي على مجموعات من الأنشطة التعلمية المصممة قصداً والتي تستخدم المعرفة بحقوق الإنسان والقيم والمهارات كمحتوى يستهدف الجمهور العام لتمكينهم من فهم خبراتهم والتحكم في حياتهم.

كما ويعرّف برنامج الأمم المتحدة العالمي للتربية على حقوق الإنسان التربية على حقوق الإنسان على أنها:
التربية والتدريب والمعلومات التي تهدف إلى بناء ثقافة عالمية لحقوق الإنسان. فالتربية الشاملة في حقوق الإنسان لا تقدم المعرفة حول حقوق الإنسان والآليات التي تحميها فحسب، بل تنقل المهارات اللازمة لتعزيز والدفاع عن حقوق الإنسان وتطبيقها في الحياة اليومية أيضاً. تعزز التربية على حقوق الإنسان المواقف والسلوك اللازمين لدعم حقوق الإنسان لجميع أفراد المجتمع.

A culture where human rights are learned, lived and “acted” for.

أما الحركة الشعبية لتعلّم حقوق الإنسان فتفضّل تعلّم حقوق الإنسان على التربية على حقوق الإنسان وتضع تركيزاً خاصاً على حقوق الإنسان كأسلوب حياة. فالتركيز على التعلّم بدلاً من التربية يراد بها أيضاً أن تستمدّ من العملية الفردية لاكتشاف حقوق الإنسان وأن يتم تطبيقها في الحياة اليومية للشخص.

هيئات المجتمع الأخرى تضم المنظمات غير الحكومية والمنظمات الشعبية والتي تعمل بشكل عام لدعم الفئات الضعيفة وحماية البيئة ومراقبة الحكومات والأعمال والمؤسسات وتشجيع التغيير الاجتماعي. تقدم كل منظمة غير حكومية منظورها الخاص للتربية على حقوق الإنسان. وهكذا، على سبيل المثال، تؤمن منظمة العفو الدولية أن "التربية على حقوق الإنسان أمر أساسي لمعالجة الأسباب الكامنة وراء انتهاك حقوق الإنسان ومنع الاعتداء على حقوق الإنسان ومكافحة التمييز وتعزيز المساواة وتشجيع المشاركة الشعبية في عمليات اتخاذ القرار الديمقراطية".3

HRE must mainstream gender awareness and include an intercultural learning dimension.

في منتدى "التربية على حقوق الإنسان مع ومن قبل الشباب: العيش والتعلّم والعمل من أجل حقوق الإنسان" والذي عقد في بودابست في تشرين الأول/أكتوبر من عام 2009، تم عرض حالة الشباب في أوروبا والعالم في الوقت الحاضر باعتبارها "ضعيفة وغير مستقرة وتعيق تكافؤ الفرص للكثير من الشباب من أجل لعب دور فعال في المجتمع... حقوق الإنسان، وخاصة الحقوق الاجتماعية والحماية من التمييز، تبدو ككلام فارغ أو حتى كوعود كاذبة. إن حالات التمييز المستمرة والإقصاء الاجتماعي غير مقبولة ولا يمكن التسامح عنها." وبالتالي، فيما يتعلق بتكافؤ الفرص والتمييز، اتفق المشاركون في المنتدى أنه "ينبغي على التربية على حقوق الإنسان وبشكل منهجي تعميم منظور الوعي بالنوع الاجتماعي (الجندر) والمساواة المبنية على أساس النوع الاجتماعي (الجندر). بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تتضمن بعداً للتعلّم عابر الثقافات... نتوقع من مجلس أوروبا... تعميم قضايا الأقليات من خلال برامجه للتربية على حقوق الإنسان، بما فيها النوع الاجتماعي (الجندر) والعرقية والدين أو المعتقد ومسائل التوجه الجنسي".

تميل الحكومات والمنظمات غير الحكومية إلى رؤية التربية على حقوق الإنسان من حيث النتائج على شكل الحقوق والحريات المرجوّة، في حين أن المربّين الأكاديميين يميلون إلى التركيز على القيم والمبادئ والخيارات الأخلاقية. تذكر بتي ريردون في كتابها عام 1995 التربية من أجل الكرامة الإنسانية أن "إطار التربية على حقوق الإنسان يقصد به التنشئة الاجتماعية المرتكزة على المبادئ والمعايير... لصقل القدرات لاتخاذ خيارات أخلاقية وأخذ مواقف مبنية على مبادئ - وبعبارة أخرى لتعزيز النزاهة الأخلاقية والفكرية".4
يميل العاملون في مجال التربية على حقوق الإنسان والذين يعملون بشكل مباشر مع الشباب إلى التركيز على الكفاءات والمنهجية.

Human rights education is about learning human rights

نأمل أن نكون قد وضحنا كيف أن المنظمات المختلفة والقائمين على الخدمات التربوية والعاملين في مجال التربية على حقوق الإنسان يستخدمون تعريفات مختلفة بناء على فلسفتهم أو هدفهم أو الفئات المستهدفة من قبلهم أو عضويتهم. لذا، هناك إجماع واتفاق واضح أن التربية على حقوق الإنسان تشتمل على ثلاثة أبعاد:

  • التعلّم عن حقوق الإنسان والمعرفة عن حقوق الإنسان، ما هي وكيف تُصان ويتم حمايتها؛
  • التعلّم من خلال حقوق الإنسان، إدراك أن السياق والطريقة التي ينظّم فيها التعلّم عن حقوق الإنسان يجب أن تكون متوافقة مع قيم حقوق الإنسان (كالمشاركة وحرية التفكير والتعبير... الخ) وأن عملية التعلّم في التربية على حقوق الإنسان هي بنفس أهمية محتوى التعلّم؛
  • التعلّم من أجل حقوق الإنسان عن طريق تطوير المهارات والمواقف والقيم حتى يتسنى للمتعلمين تطبيق قيم حقوق الإنسان في حياتهم واتخاذ الاجراءات اللازمة - سواءً بمفردهم أو مع الآخرين - لتعزيز وحماية حقوق الإنسان.

عندما نأتي للتفكير في كيفية تقديم التربية على حقوق الإنسان وفي كيفية مساعدة الناس على اكتساب المعرفة والمهارات والمواقف الضرورية كي يتمكنوا من القيام بأدوارهم ضمن ثقافة حقوق الإنسان، نرى أنه لا يمكن "تعليم" حقوق الإنسان، بل يجب تعلّمها من خلال التجربة. بالتالي فإن التربية على حقوق الإنسان هي أيضاً التربية من خلال التعرّض لحقوق الإنسان في الممارسة العملية. هذا يعني أن كيفية ومكان تطبيق التربية على حقوق الإنسان يجب أن تعكس قيم حقوق الإنسان (التعلّم في حقوق الإنسان)؛ السياق والأنشطة يجب أن تكون مركزة بحيث تكون الكرامة والمساواة جزءاً لا يتجزأ من الممارسة.

لقد أولينا عناية خاصة في دليل اتجاهات للتأكد من أنه مهما كانت الأساليب والأنشطة مثيرة للاهتمام فالإشارة إلى حقوق الإنسان ضرورية ليكون التعلّم عن حقوق إنسان ذا مصداقية. كما وهناك أيضاً العديد من المقترحات من أجل التطبيق.

التربية على حقوق الإنسان حق من حقوق الإنسان الأساسية

Education shall be directed to the full development of the human personality and to the strengthening of respect for human rights.
UDHR, article 26

حقوق الإنسان مهمة لأنه لا يمكن لأي فرد أن يعيش بمفرده، كما وأن الظلم يقلل من نوعية الحياة على المستوى الشخصي والمحلي والعالمي. إن ما نقوم به محلياً له تأثير على ما يحدث في أماكن أخرى من العالم، على سبيل المثال: قد تكون الملابس التي نرتديها مصنوعة بواسطة عمالة الأطفال في آسيا، بينما تساهم الموروثات الأوروبية الاستعمارية في الاضطرابات السياسية والدينية في العراق والصومال وأفغانستان التي ترسل بطالبي اللجوء اليائسين ليطرقوا أبوابنا. وعلى نحو مماثل ينزح الملايين من الناس من إفريقيا وآسيا نتيجة للتغير المناخي الناتج وبحد كبير بسبب أنشطة الدول الصناعية. ومع ذلك ليس لأن انتهاكات حقوق الإنسان في أجزاء أخرى من العالم تنعكس علينا وحسب بل لأن واجب تقديم الرعاية للآخرين فضيلة أخلاقية أساسية في جميع الثقافات والديانات. تحدث انتهاكات لحقوق الإنسان في كل مكان، ليس في البلدان الأخرى فقط، لكنها تحدث هنا أيضاً، وهذا ما يجعل التربية على حقوق الإنسان مهمة. ولكن بالوعي الكامل وفهم واحترام حقوق الإنسان يمكننا أن نأمل في تطوير ثقافة تحترم فيها حقوق الإنسان بدلاً من أن تنتهك. بالتالي فان الحق في التربية على حقوق الإنسان معترف به وبشكل متزايد كحق من حقوق الإنسان في حد ذاته.

التربية على حقوق الإنسان ليست حقاً معنوياً فحسب، بل هي حق قانوني أيضاً بموجب القانون الدولي. تنص المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن لكل فرد الحق في التعلّم وأنه "يجب أن تستهدف التربية التنمية الكاملة لشخصية الإنسان وأن تقوي احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. كما ويجب أن تعزز التفاهم والتسامح والصداقة بين الأمم والمجموعات العرقية والدينية وأن تدفع بأنشطة الأمم المتحدة لصون السلام". علاوةً على ذلك، تنص المادة رقم 28 من اتفاقية حقوق الطفل أن تكون "إدارة النظام في المدارس على نحو يتمشى مع كرامة الطفل الإنسانية" وأن "يكون تعليم الطفل موجهاً نحو تنمية شخصية الطفل ومواهبه وقدراته... وتنمية احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية... وإعداد الطفل لحياة تستشعر المسؤولية في مجتمع حر، بروح من التفاهم والتسامح والمساواة... وتنمية احترام البيئة الطبيعية".

Human rights are more than just inspiration.

التربية على حقوق الإنسان هي أيضاً مطلب سياسي شرعي. تقر رسالة منتدى "العيش والتعلّم والعمل من أجل حقوق الإنسان" أن "القيم التي توجه عمل مجلس أوروبا هي قيم عالمية بالنسبة لنا جميعاً وترتكز على الكرامة غير القابلة للتصرف لكل إنسان". تذهب الرسالة إلى أبعد من ذلك بالتذكير بأن حقوق الإنسان هي أكثر من مجرد إلهام، فهي أيضاً الأوامر الأخلاقية والسياسية التي تنطبق على العلاقات بين الدول والشعوب بقدر ما هي داخل الدول وبين الناس.

دور الأمم المتحدة في التربية على حقوق الإنسان

تلعب الأمم المتحدة دوراً لا غنى عنه فيما يتعلق بالتربية على حقوق الإنسان في العالم. أكد المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان، والذي عقد في فيينا عام 1993 على الدور الضروري الذي تلعبه التربية على حقوق الإنسان والتدريب والمعلومات العامة في تعزيز حقوق الإنسان. وفي عام 1994 أطلقت الجمعية العمومية للأمم المتحدة "عشرية الأمم المتحدة للتربية على حقوق الإنسان (1995-2004)"، والذي يمتد من 1 كانون الثاني/يناير1995 حتى 31 كانون الأول/ديسمبر 2004.

The World Programme on HRE was established in 2004 to promote the development of a culture of human rights.

ونتيجة لتقييم العشرية، تم تأسيس برنامج عالمي للتربية على حقوق الإنسان في عام 2004. ركزت المرحلة الأولى من البرنامج على التربية على حقوق الإنسان في الأنظمة المدرسية للمرحلتين الأساسية والثانوية. كان من المتوقع والمستحب من جميع الدول تطوير مبادرات ضمن إطار البرنامج العالمي وخطة عمله. وقرر مجلس حقوق الإنسان تركيز المرحلة الثانية (2010-2014) من التربية على حقوق الإنسان للتعليم العالي وبرامج التدريب على حقوق الإنسان للمعلمين والمربين وموظفي الخدمة المدنية وموظفي تطبيق القانون والأفراد العسكريين على جميع المستويات. وفقاً لذلك، تبنى مجلس حقوق الإنسان خطة عمل المرحلة الثانية في أيلول/سبتمبر 2010، حيث تم إعدادها من قبل مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان. كما وشجع مجلس أوروبا الدول الأعضاء لمواصلة تطبيق التربية على حقوق الإنسان في الأنظمة المدرسية للمرحلتين الأساسية والثانوية. ويبقى البرنامج العالمي المفتوح إطاراً للعمل الجماعي ومنصة للتعاون بين الحكومات وجميع أصحاب المصلحة.

“every individual and every organ of society shall strive by teaching and education to promote respect for human rights and fundamental freedoms”
Preamble of the UN Declaration on Human Rights Education and Training

في كانون الأول/ديسمبر من العام 2011 تبنت الجمعية العمومية للأمم المتحدة إعلان الأمم المتحدة للتربية على حقوق الإنسان والتدريب. يعد هذا الإعلان حجر أساس لأنه أول وثيقة يتم تكرسيها خصيصاً للتربية على حقوق الإنسان فهو بالتالي أداة قيمة للغاية للدعوة والتوعية بأهمية التربية على حقوق الإنسان. يقر الإعلان أن "لكل شخص الحق أن يعرف ويلتمس ويتلقى المعلومات عن جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وينبغي أن تتوفر له حرية الوصول إلى التربية على حقوق الإنسان والتدريب"، وأن "التربية على حقوق الإنسان والتدريب أمر ضروري لتعزيز الاحترام العالمي ولمراعاة جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع، وذلك وفقاً لمبادئ حقوق الإنسان العالمية غير القابلة للتجزئة والمترابطة. كما ويتضمن الإعلان تعريفاً واسعاً للتربية على حقوق الإنسان والتدريب، والذي يشمل التربية حول ومن خلال ومن أجل حقوق الإنسان.
يضع الإعلان المسؤولية الرئيسية على الدول "لتعزيز وضمان التربية على حقوق الإنسان والتدريب" (المادة 7).

وفق منظومة الأمم المتحدة يتم تنسيق التربية على حقوق الإنسان من قبل مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومقره جنيف تحت سلطة مجلس حقوق الإنسان.

التربية على حقوق الإنسان في أوروبا

مجلس أوروبا

Commitments to human rights are also commitments to human rights education. Investments in human rights education secure everyone’s future; short-term cuts in education result in long-term losses.
Message of the forum Living, Learning, Acting for Human Rights 2009

تهدف الدول الأعضاء في مجلس أوروبا إلى أن تكون حقوق الإنسان أكثر من مجرد تأكيدات فهي جزء من الإطار القانوني لهذه الدول، لذا ينبغي أن تكون حقوق الإنسان جزءاً لا يتجزأ من تربية الشباب. ساهمت الأمم الأوروبية مساهمة قوية في أهم إعلان في القرن العشرين فيما يتعلق بحقوق الإنسان؛ وهو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر من العام 1948. كما وأن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي لديها القوة القانونية لجميع الدول الأعضاء في مجلس أوروبا اشتقت مبادئها وإلهامها من تلك الوثيقة الأممية وتم اعتمادها بعد ذلك بعامين. ونشوء حقوق الإنسان كما نعرفها اليوم يدين بالكثير للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال الحرب العالمية الثانية في أوروبا وخارجها.

بالعودة إلى عام 1985، أصدرت لجنة الوزراء التوصية (85) 7 للدول الأعضاء في مجلس أوروبا حول التعليم والتعلّم عن حقوق الإنسان في المدارس. حيث أكدت التوصية بأنه يجب أن يتعلم جميع الشباب عن حقوق الإنسان كجزء من إعدادهم للحياة في ظل نظام ديمقراطي تعددي.

وقد عززت القمة الثانية لمجلس أوروبا في العام 1997 التوصية نفسها عندما قرر رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء "إطلاق مبادرة للتعليم من أجل المواطنة الديمقراطية بهدف تعزيز وعي المواطنين بحقوقهم ومسؤولياتهم في مجتمع ديمقراطي". وقد لعب مشروع التربية من أجل المواطنة الديمقراطية الذي تلى ذلك دوراً كبيراً في تعزيز ودعم تضمين التربية من أجل المواطنة الديمقراطية والتربية على حقوق الإنسان في الأنظمة المدرسية.
إن إنشاء برنامج الشباب للتربية على حقوق الإنسان ونشر وترجمات دليل اتجاهات ولاحقاً اتجاهات للصغار: دليل التربية على حقوق الإنسان مع الأطفال(Compasito)  ساهم وبشكل كبير في الاعتراف بالتربية على حقوق الإنسان لا سيما من خلال التعلّم غير الرسمي والعمل الشبابي.

Member states should aim to provide “every person within their territory with the opportunity of education for democratic citizenship and human rights education”.
Council of Europe Charter on Education for Democratic Citizenship and Human Rights Education

في عام 2010 تبنت لجنة وزراء أوروبا ميثاق مجلس أوروبا للتربية على المواطنة الديمقراطية والتربية على حقوق الإنسان، وذلك في اطار توصيتها (2010) 7. يدعو الميثاق الدول الأعضاء إلى جعل التربية على المواطنة الديمقراطية والتربية على حقوق الإنسان جزءاً من مناهج التعليم الرسمي في المراحل ما قبل الابتدائية والابتدائية والثانوية بشكل عام، وفي مناهج التعليم المهني والتدريب. كما ويدعو الميثاق الدول الأعضاء إلى "تعزيز دور المنظمات غير الحكومية ومؤسسات الشباب في التربية على المواطنة الديمقراطية والتربية على حقوق الإنسان خاصة في التعلّم غير الرسمي والاعتراف بها وبانشاطتها كجزء قيم من النظام التربوي وتزويدها بالدعم الذي تحتاجه والاستفادة الكاملة من الخبرات الموجودة لديها والتي من الممكن أن تسهم في جميع أشكال التربية."
استناداً إلى الميثاق، يجب أن يكون هدف سياسات الدولة وتشريعاتها المتعلقة بالتربية على حقوق الإنسان هو "تزويد كل شخص بفرصة التربية على حقوق المواطنة الديمقراطية والتربية على حقوق الإنسان". كما ويحدد الميثاق أهداف ومبادئ التربية على حقوق الإنسان ويوصي باتخاذ إجراءات في مجالات المراقبة والتقييم والبحث. مرفق بالميثاق مذكرة توضيحية تقدم تفاصيل وأمثلة على المحتوى والاستخدام العملي للميثاق.

تعزز دور التربية على حقوق الإنسان بشكل كبير خاصة فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان في العالم عندما تم إيجاد منصب مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في عام 1999. يتمثل الدور المنوط بمفوض الامم المتحدة لحقوق الإنسان "بتعزيز التربية على حقوق الإنسان والتوعية بها" بالإضافة إلى مساعدة الدول الأعضاء في تطبيق معايير حقوق الإنسان وتحديد أي قصور محتمل في القانون والتطبيق وتقديم النصح فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
تحقيقاً لدوره، يولي مفوض الامم المتحدة لحقوق الإنسان اهتماماً خاصاً للتربية على حقوق الإنسان ويعتبر أن حقوق الإنسان لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تم تعريف الناس بحقوقهم وعرفوا كيفية استخدامها. لذا فإن التربية على حقوق الإنسان ركيزة أساسية للتنفيذ الفعال للمعايير الأوروبية. دعا مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في العديد من تقاريره السلطات المحلية لتعزيز التربية على حقوق الإنسان. كما ويجب تثقيف طلاب المدارس والشباب والمعلمين والمسؤولين الحكوميين من أجل نشر وتعزيز قيم التسامح واحترام الآخر. في وجهة نظر بعنوان "التربية على حقوق الإنسان أولوية - هناك حاجة إلى اتخاذ المزيد من الاجراءات الملموسة"5، ذكر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه "تم التركيز كثيراً على إعداد الطلاب لسوق العمل بدلاً من تطوير المهارات الحياتية التي من شأنها دمج وتجسيد قيم حقوق الإنسان". لذا ينبغي أن يكون هناك وعلى حد سواء "حقوق الإنسان من خلال التعليم" و"حقوق الإنسان في التعليم".

بالتالي فإن تعزيز الحق في التعليم في مجال التربية على حقوق الإنسان في مجلس أوروبا متقاطع ومتعدد المجالات.
يتواصل مجلس أوروبا وينسق عمله في التربية على حقوق الإنسان مع منظمات دولية أخرى بما فيها اليونيسكو والمفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ووكالة الحقوق الأساسية في الاتحاد الأوروبي. كما وعمل مجلس أوروبا كمنسق إقليمي للبرنامج العالمي للأمم المتحدة المتعلق بالتربية على حقوق الإنسان.

مركز فيرجلاند الأوروبي

يعد مركز فيرجلاند الأوروبي - والذي يقع في أوسلو، النرويج - مركزاً للمصادر التي تعمل في مجال التربية من أجل التفاهم عابر الثقافات وحقوق الإنسان والمواطنة الديمقراطية. أنشئ هذا المركز عام 2008 كمشروع تعاوني بين النرويج ومجلس أوروبا. والفئات الرئيسية المستهدفة للمركز هم العاملون في مجال التربية والباحثون وصنّاع القرار وغيرهم من المهتمين.
يقدم مركز فيرجلاند الأنشطة التالية:

  • تدريب مدربي المعلمين والمعلمين وغيرهم من المدربين
  • أنشطة البحث والتطوير
  • المؤتمرات وخدمات التواصل بما في ذلك قاعدة بيانات للخبراء على الإنترنت
  • منصة إلكترونية لنشر المعلومات والمواد التعليمية والممارسات الجيدة

الاتحاد الأوروبي

في عام 2007 تأسست وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية كهيئة استشارية للمساعدة على ضمان أن الحقوق الأساسية للأشخاص الذين يعيشون في دول الاتحاد الأوروبي مصانة ومحمية. إن هذه الوكالة - ومقرها فينا، النمسا - هيئة مستقلة عن الاتحاد الأوروبي أنشئت لتقديم المساعدة والخبرة للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه عند تطبيقهم قانون المجتمع في قضايا الحقوق الأساسية. ولدى الوكالة مهمة أخرى ألا وهي رفع مستوى الوعي العام حول الحقوق الأساسية والتي تشمل حقوق الإنسان كما حددتها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وتلك في ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي.

كرّست برامج الشباب في الاتحاد الأوروبي على مدى سنوات اهتماماً خاصاً بالمساواة والمواطنة الفاعلة والتربية على حقوق الإنسان. وتقوم العديد من المشاريع الشبابية التي نفذت في إطار برامج الشباب وإيراسموس على التعلّم غير الرسمي وتوفير فرص هامة للشباب لاكتشاف قيم حقوق الإنسان والتربية على حقوق الإنسان.

السياسات المتعلقة بالشباب والتربية على حقوق الإنسان

لدى مجلس أوروبا سجل طويل في مجال ربط الشباب مع عملية البناء الأوروبي وفي اعتبار السياسات المتعلقة بالشباب جزءاً لا يتجزأ من عمله. وعقدت أولى أنشطة القيادات الشبابية في عامي 1967 و1972 حيث تم تشكيل مركز الشباب الأوروبي ومؤسسة الشباب الأوروبي. ومنذ ذلك الحين تطورت العلاقة بين مجلس أوروبا والشباب باضطراد. ولطالما اعتمد الشباب ومنظماتهم على مجلس أوروبا سواء في عمليات التحول الديمقراطي في البلدان الشيوعية السابقة أو في صنع السلام أو في تحويل الصراع في مناطق النزاع أو في الكفاح ضد العنصرية ومعاداة السامية وكره الأجانب واللا تسامح، وفي المقابل اعتمد مجلس أوروبا عليهم. وكذلك لا يمكن تصور عملية التحول من الأمن الخشن إلى الأمن الناعم في كثير من دول العالم دون ذكر المساهمة التي قدمتها التربية الشعبية على حقوق الإنسان والمشاركة الديمقراطية.

إن الهدف المعلن للسياسات المتعلقة بالشباب بمجلس أوروبا هو "تزويد الشباب، أي الفتيات والفتيان، والشابات والشبان بالفرص المتكافئة والخبرة التي تمكنهم من تطوير المعارف والمهارات والكفاءات للعب دور كامل في جميع جوانب المجتمع".6

Providing young people with equal opportunities and experiences enabling them to play a full part in society.

ورد دور الشباب، والمنظمات الشبابية والسياسات المتعلقة بالشباب في تعزيز الحق في التربية على حقوق الإنسان بشكل واضح في أولويات السياسات المتعلقة بالشباب بمجلس أوروبا، واحدة من هذه السياسات هي حقوق الإنسان والديمقراطية، وقد تم تنفيذها مع التركيز على الأمور التالية:

  • ضمان تمتع الشباب الكامل بحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية وتشجيع التزامهم فيها
  • تشجيع مشاركة الشباب الفاعلة في العمليات والهيكليات الديمقراطية
  • تعزيز تكافؤ الفرص لمشاركة جميع الشباب في جميع محالات حياتهم اليومية
  • التنفيذ الفعال للمساواة المبنية على أساس النوع الاجتماعي ومنع جميع أشكال العنف القائمة على أساس النوع الاجتماعي (الجندر)
  • تعزيز التعليم التوعوي والعمل بين الشباب في مجالي البيئة والتنمية المستدامة
  • تسهيل وصول جميع الشباب للمعلومات والخدمات الاستشارية

بالإضافة إلى ذلك هناك أولويتان مهمتان: العيش معاً في مجتمعات مختلفة ودمج الشباب اجتماعياً، والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعمل في مجال التربية على حقوق الإنسان. كما وتتوقع السياسات المتعلقة بالشباب بمجلس أوروبا التعاون الوثيق بين سياسات الأطفال والشباب بما أن المجموعتين - الأطفال والشباب - تتداخلان إلى حد كبير.

في عام 2000 وبمناسبة الذكرى الخمسين للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان أطلقت مديرية الشباب والرياضة برنامج الشباب للتربية على حقوق الإنسان. وقد كفل البرنامج دمج التربية على حقوق الإنسان في عمل المجلس مع الشباب وفي السياسات المتعلقة بالشباب والعمل النتعلق بهم. وأخذ الشباب والمنظمات الشبابية دوراً محورياً في البرامج كمربين ومدافعين عن حقوق الإنسان وساهموا بشكل كبير في عمل مجلس أوروبا في هذا المجال.

كان البعد الآخر للبرنامج هو اصدار دليل اتجاهات عام 2002 وترجمته إلى 30 لغة لاحقاً. وقد ساهم برنامج الدورات التدريبية الأوروبية والوطنية للمدربين والمهتمين في ظهور الشبكات الرسمية وغير الرسمية من المربين والمدافعين عن التربية على حقوق الإنسان، والتي تعطي نتائج ملموسة على الرغم من أنها تختلف وبشكل كبير من بلد إلى آخر. كما اعتمد نجاح برنامج الشباب للتربية على حقوق الإنسان أيضاً على:

  • دعم الأنشطة التدريبية الإقليمية والوطنية لمدربي المعلمين والعاملين مع الشباب في الدول الأعضاء، والتي تم تنظيمها بالتعاون مع المنظمات والمؤسسات الوطنية
  • تطوير شبكات رسمية وغير رسمية من المنظمات والمربيين للتربية على حقوق الإنسان من خلال أساليب التعلّم غير الرسمي على المستويات الأوروبية والوطنية
  • تعميم طرق وأساليب التربية على حقوق الإنسان في جميع أنشطة برامج قطاع الشباب التابعة لمجلس أوروبا
  • تطوير أساليب التدريب والتعلّم المبتكرة ومعايير الجودة للتربية على حقوق الإنسان والتعلّم غير الرسمي؛ كإدخال التعلّم الإلكتروني من خلال التدريب المتقدم لدليل اتجاهات في التربية على حقوق الإنسان
  • توفير الأساليب والموارد التعليمية لحملة الشباب الأوروبي كلنا متساوون-كلنا مختلفون من أجل التعددية وحقوق الإنسان والمشاركة
  • نشر مفهوم "المكتبة الحية" كطريقة للتعلّم عابر الثقافات ومكافحة الصور النمطية والأحكام المسبقة
  • توفير الإطار السياسي والتعليمي لأنشطة الحوار بين الثقافات؛ كتلك التي تعمل في السياق الأورومتوسطي ومشاريع الشباب الأوروعربي والأوروآسيوي وكذلك المشاريع التي تدار في إطار الشراكة بين المفوضية الأوروبية ومجلس أوروبا في مجال العمل مع الشباب

هذا وقد حشد البرنامج الآلاف من الشباب عبر أوروبا من خلال دعم المشاريع التجريبية في مجال التربية على حقوق الإنسان من قبل مؤسسة الشباب الأوروبي.

في عام 2009 وبمناسبة الذكرى الستين لتأسيس مجلس أوروبا جمع ملتقى الشباب حول التربية على حقوق الإنسان "التعلّم والعيش والعمل من أجل حقوق الإنسان" أكثر من 250 مشاركاً من مراكز الشباب الأوروبي في بودابست وستراسبورغ. وأصدر المشاركون في الملتقى رسالة إلى لجنة وزراء مجلس أوروبا تشدد على مبادئ واحتياجات التربية على حقوق الإنسان في أوروبا من خلال:

  • تأمين مستويات كافية من التواجد والتبادل من خلال المشاريع والشركاء على المستويين الوطني والمحلي ومن خلال تطوير تواصل أمثل بين مستويات العمل الأوروبية والمحلية والوطنية؛
  • السعي لإيجاد تحالفات بين الأطراف الفاعلة في مجال التعليم الرسمي والتعلّم غير الرسمي ومع مؤسسات حقوق الإنسان لإنشاء برامج وطنية للتربية على حقوق الإنسان؛
  • تنمية قدرات الشركاء غير الحكوميين مع السعي لإشراك الشركاء الشباب الحكوميين بشكل أكبر في الوقت ذاته؛
  • دعم التعاون عبر-الوطني وشبكات التربية على حقوق الإنسان؛
  • تعميق الوعي حول قضايا محددة في مجال حقوق الإنسان والتي تؤثر على الشباب (كالعنف والإقصاء)؛
  • إدراج الوعي حول النوع الاجتماعي (الجندر) وإدراج بعد عابر للثقافات باعتبارها جزءاً متأصلاً في مفهوم المساواة في الكرامة الإنسانية؛
  • ربط أنشطة التربية على حقوق الإنسان ربطاً وثيقاً بواقع الشباب والعمل الشبابي والسياسة المتعلقة بالشباب والتعلّم غير الرسمي؛
  • النظر في التداخل الضروري والطبيعة التكميلية للتربية على حقوق الإنسان مع الأطفال والشباب؛
  • الاعتراف بالتربية على حقوق الإنسان وتعزيزها كحق من حقوق الإنسان وزيادة الوعي حولها؛
  • أخذ حماية حرية وأمن الناشطين في مجال حقوق الإنسان والمربين بعين الاعتبار؛
  • تعميم قضايا الأقليات بما فيها النوع الاجتماعي (الجندر) والعرقية والدين أو المعتقد ومسائل التوجه الجنسي؛
  • دعم مشاركة الشباب والأطفال الفعالة وملكية في العمليات التربوية؛
  • زيادة الوعي بمسؤولية الدول والسلطات العامة في تعزيز ودعم التربية على حقوق الإنسان في مجالات التعليم الرسمية وغير الرسمية.

التربية على حقوق الإنسان مع الشباب

من الواضح أن على الشباب الاهتمام بالتربية على حقوق الإنسان ولكن الواقع أن معظم الشباب يحصلون على قدر ضئيل من التربية على حقوق الإنسان، وقد تم تطوير دليل اتجاهات لتغيير هذا الوضع.

التربية على حقوق الإنسان مع الشباب لا تفيد المجتمع فحسب ولكنها تفيد الشباب أنفسهم أيضاً. يواجه الشباب في المجتمعات المعاصرة - وبشكل متزايد - الاستبعاد الاجتماعي والاختلافات الدينية والعرقية والوطنية كما يواجهون مساوئ ومزايا العولمة. تتناول التربية على حقوق الإنسان هذه القضايا ويمكنها أن تساعد الناس على فهم مختلف المعتقدات والمواقف والقيم والتناقضات الظاهرة للمجتمعات متعددة الثقافات الحديثة التي يعيشون فيها.

يشير تقرير يوروباروميتر "وجهات نظر المواطنين الأوروبيين نحو البيئة" في آذار/مارس لعام 2008 إلى أن الأوروبيين يولون أهمية كبيرة لحماية البيئة وأن 96% منهم قالوا أنها مهمة أو إلى حد ما مهمة بالنسبة لهم. وأن الشباب على وجه الخصوص على استعداد تام لتكريس طاقاتهم من أجل القضايا التي تهمهم؛ ومثال على ذلك مائة ألف شاب تظاهروا من أجل اتخاذ الاجراءات اللازمة لمكافحة التغير المناخي في كوبنهاجن في كانون الأول/ديسمبر من عام 2009. كمربين على حقوق الإنسان نحن بحاجة لاستغلال هذه الطاقة. سيتبنى الشباب دوماً أفكاراً ويتصرفون بناء عليها وهذا واضح في العديد من البرامج الموجودة فعلياً للشباب، من الأنشطة الصغيرة التي يتم تنفيذها عشوائياً في نوادي الشباب الفردية أو المدارس إلى البرامج الدولية الرئيسية التي ينفذها مجلس أوروبا والاتحاد الأوروبي.

وأحد الأمثلة على المساهمة التي قدمها الشباب المثقف في مجال حقوق الإنسان في أوروبا هو إعداد تقارير على مستوى البلدان حول حقوق الأقليات، حيث تستخدم هذه التقارير من قبل الحكومات والمنظمات غير الحكومية والصحفيين والأكاديميين، وهي تقدم تحليلاً لقضايا الأقليات وفيها أصوات تلك المجتمعات كما وتعطي إرشادات عملية وتوصيات من أجل المضي قدماً. بهذه الطريقة يمكن رؤية التربية على حقوق الإنسان كمكمل لعمل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بإرسالها رسائل واضحة أنه لن يتم التسامح مع الانتهاكات. وعليه تقدم التربية على حقوق الإنسان أكثر من ذلك فهي أيضاً وسيلة إيجابية لمنع الانتهاكات؛ فالناس الذين اكتسبوا قيم الاحترام والمساواة والتعاطف والمسؤولية هم أقل استعداداً لانتهاك حقوق الآخرين في المقام الأول. يعمل الشباب أيضاً كمربين وميسرين لعمليات التربية على حقوق الإنسان وهم بالتالي يشكلون دعماً مهماً لتطوير الخطط للتربية على حقوق الإنسان على المستويين الوطني والمحلي.

نحو ثقافة حقوق الإنسان

You can cut all the flowers but you cannot keep spring from coming.
Pablo Neruda

"كل الطرق تؤدي إلى روما" مثل شائع يعني أن هناك العديد من الطرق لتصل إلى هدفك. تماما كما أن كل الطرق تؤدي إلى روما فإن هناك العديد من الطرق المختلفة للتربية على حقوق الإنسان. وبهذا فقد يكون من الأفضل وصف التربية على حقوق الإنسان بناء على ما تصبو لتحقيقه: إنشاء ثقافة تفهم حقوق الإنسان من خلالها وتحترم ويدافع عنها، أو إعادة صياغة ما خرج به المشاركون في ملتقى "التربية على حقوق الإنسان مع الشباب عام 2009": "ثقافة يتم من خلالها تعلّم حقوق الإنسان وعيشها والعمل من أجلها".

ثقافة حقوق الإنسان ليست مجرد ثقافة يعرف الجميع فيها حقوقهم، لأن المعرفة لا تعني بالضرورة الاحترام، وبدون الاحترام سيكون هناك انتهاكات حتماً. فكيف إذاً يمكننا وصف ثقافة حقوق الإنسان وما هي الصفات التي يتمتع بها أتباعها؟ عمل واضعو هذا الدليل على هذه الأسئلة، وصاغوا بعض الإجابات (غير الحصرية). ثقافة حقوق الإنسان هي الثقافة التي يكون الناس فيها:

  • لديهم معرفة واحترام لحقوق الإنسان والحريات الأساسية
  • عندهم شعور باحترام الذات واحترام الآخرين ويقدرون الكرامة الإنسانية
  • يظهرون سلوكيات ومواقف التي تبين احتراماً لحقوق الآخرين
  • يمارسون المساواة القائمة على النوع الاجتماعي (الجندر) في جميع المجالات
  • يظهرون الاحترام والتفاهم والتقدير للتنوع الثقافي لا سيما نحو الأقليات الوطنية والعرقية واللغوية وأقليات ومجتمعات أخرى
  • هم مواطنون ممكّنون وفاعلون
  • يعززون الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والوئام المجتمعي والتضامن والصداقة بين الشعوب والدولنشيطون في تعزيز أنشطة المؤسسات الدولية الرامية إلى خلق ثقافة السلام على أساس القيم العالمية لحقوق الإنسان والتفاهم الدولي والتسامح واللاعنف

ستتجلى هذه المثل بتفاوت بين المجتمعات المختلفة بسبب اختلاف الخبرات الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية والسياسية. كما سيكون هناك أيضاً أساليب مختلفة للتربية على حقوق الإنسان. وقد يكون هناك وجهات نظر مختلفة حول أفضل طريق للمضي قدماً نحو ثقافة حقوق الإنسان، لكن هذا صواب؛ فالأفراد ومجموعات الأفراد والمجتمعات والثقافات لديها نقاط انطلاق واهتمامات مختلفة لذا يجب أن تأخذ ثقافة حقوق الإنسان هذه الاختلافات بيعن الاعتبار وتحترمه

الهوامش

1 Words emphasised by the editors
2 Committee of Ministers Recommendation CM/Rec(2010)7 on the Council of Europe Charter on Education for Democratic Citizenship and Human Rights Education
3 http://www.amnesty.org/en/human-rights-education
4 Betty A. Reardon: Educating for Human Dignity – Learning about rights and responsibilities, University of Pennsylvania Press, 1995
5 www.fra.europa.eu (accessed on 13 October 2010)
6 Resolution of the Committee of Minister on the youth policy of the Council of Europe, CM/Res(2008)23 United Nations, Plan of Action of the World Programme for Human Rights Education – First phase, Geneva, 2006